تمهيد:
يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بالعقل، وقد وهبه الله تعالى هذه النعمة كي يسخرها في عمارة الأرض وبناء الحضارات، ثم ليشكر الخالق الواهب بعبادته له وحمده، والعلم أشرف المقاصد وأعلى المراتب التي حرص عليها الإسلام لأنه يزكي القلب، وينير العقل، ويمنح المرء عزة، حقيقة تتناسب مع تكريم الله للإنسان.النصوص الشرعية:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۩ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۩ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ۩ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۩ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ۩﴾.
(سورة العلق، الآيات: 1-5).قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾.
(سورة فاطر، الآية: 28).قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
(سورة التَّوبَة، الآية: 122).
I – توثيق النصوص:
1 – التعريف سورة العلق:
سورة العلق مكية من المفصل، عدد آياتها 19 أية، ترتيبها 96 في المصحف الشريف، وهي أول ما نزل من القرآن الكريم، بدأت بفعل أمر “اقرأ”، السورة بها سجدة في الآية رقم 19، تسمى أيضا: “اقرأ”، يدور محور السورة حول القضايا الآتية: موضوع بدء نزول الوحي على خاتم الأنبياء محمد ﷺ، وموضوع طغيان الإنسان بالمال وتمرده على أوامر الله، وقصة الشقي أبي جهل ونهيه الرسول ﷺ عن الصلاة.2 – التعريف بسورة فاطر:
سورة فاطر مكية ومن المثاني، عدد آياتها 45 آية، ترتيبها 35 في المصحف الشريف، نزلت بعد سورة “الفرقان”، بدأت بأسلوب الثناء “الحمد لله”، فاطر هو أحد أسماء الله، سميت “سورة فاطر” لذكر هذا الاسم الجليل والنعت الجميل في طليعتها لما في هذا الوصف من الدلالة على الإبداع والاختراع لا على مثال سابق ولما فيه من التصوير الدقيق المشير إلى عظمة ذي الجلال وباهر قدرته وعجيب صنعه فهو الذي خلق الملائكة وأبدع تكوينهم بهذا الخلق العجيب، سورة فاطر مكية نزلت قبل هجرة رسول الله ﷺ فهي تسير في الغرض العام الذي نزلت من أجله الآيات المكية والتي يرجع أغلبها إلى المقصد الأول من رسالة كل رسول، وهي قضايا العقيدة الكبرى، الدعوة إلى توحيد الله وإقامة البراهين على وجوده، وهدم قواعد الشرك، والحث على تطهير القلوب من الرذائل، والتحلي بمكارم الأخلاق.3 – التعريف بسورة التَّوبَة:
سورة المجادلة مدنية من المفصل، عدد آياتها 22 أية، ترتيبها 58 في المصحف الشريف، نزلت بعد المنافقون بدأت بأسلوب توكيد قد سمع ذكر لفظ الجلالة في كل آية من السورة اسم السورة المجادلة، سميت المجادلة لبيان قصة المرأة التي بادلت النبي ﷺ، وهي خولة بنت ثعلبة وتسمى أيضا “قد سمع الظهار”، تناولت السورة أحكاما تشريعية كثيرة كأحكام الظهار، والكفارة التي تجب على المظاهر، وحكم التناجي، وآداب المجالس، وتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول ﷺ، وعدم مودة أعداء الله إلى غير ذلك كما تحدثت عن المنافقين وعن اليهود.4 – الشرح اللغوي والاصطلاحي:
- بِاسْمِ رَبِّكَ: أي بذكر اسم ربك.
- العَلَق: المرحلة التي تلتصق فيها النطفة بجدار الرحم.
- عَلَّمَ بِالْقَلَمِ: علم الإنسان الكتابة بالقلم.
- الأَكْرَمُ: الذي تكرم على الإنسان بنعمه وفضائله ومنها العقل.
- يَخْشَى: يخافه ويعظمه.
- تضع أجنحتها : تمهد له طريق العلم.
5 – مضامين النصوص الأساسية:
- الدعوة إلى القراءة والتعلم لأن الله يعبد عن علم، ليجعل من الأمة الإسلامية أمة عالمة ومعلمة للبشرية الخير والحق.
- العلماء هم أشد الناس خشية لله من غيرهم.
- تكريمه سبحانه للعلماء وعلو منزلتهم عن غيرهم.
II – التحليل والإيضاح:
1 – العلم: تعريفه، مجالات اكتسابه، مكانته، وظيفته:
أ- تعريف العلم:العلم هو: معرفة الشيء وإدراكه على حقيقته، وهو نقيض الجهل، والعلم أنواع:
علوم شرعية: كالفقه والتفسير والحديث…
علوم إنسانية: كالفلسفة والتاريخ …
علوم كونية: كالطب والفلك …
ب – مجالات اكتسابه:
العلم يكتسب من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، ويكتسب من خلال الكون الفسيح الذي خلقه الله تعالى.
ج – مكانة العلم والعلماء في الإسلام:
دعا الإسلام إلى العلم وحث على طلبه، لأنه هو السراج المنير الذي ينير العقل ويكرم الإنسان، ويكفينا للدلالة على هذه المكانة أن أول آية نزلت على النبي الكريم ﷺ كانت تدعوا إلى العلم “سورة العلق”، وللعلماء مكانة خاصة فهم يعدون ورثة للأنبياء كما قال ﷺ: «العلماء ورثة الأنبياء» وكذلك فإن الله عز وجل مدحهم في كثير من الآيات، قال تعالى في سورة الزمر: ﴿َرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، كما نفى الله تعالى المساواة بين العالم والجاهل فقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، وساوى بين المجاهد وطالب العلم في الأجر، وجعل من أموال الزكاة والأوقاف موردا خاصا لبناء دور العلم، والإنفاق على طلبتها، كما هو الحال مثل المدرسة البوعنانية وجامعة القرويين بفاس وغيرهما.
د – وظيفة العلم في المجتمع:
- تنمية الإيمان ورفع شأن أصحابه.
- صيانة كرامة الإنسان، وتسخير الكون لخدمته.
- بناء مجتمع متحضر ومتماسك.
2 – الغاية من التعلم وتحصيل العلم:
- التعرف على الخالق عز وجل من خلال كتابه المقروء، الوحي، وكتابه المشاهد المصنوع- الكون.
- عبادة الله لأن الله يعبد عن جهل.
- التخلق بالأخلاق الإسلامية.
- تطبيق الأحكام والشريعة الربانية.
- التعرف على الأسرار الكونية.
- التغلب على المشاكل التي تعترضنا في الحياة باكتشاف وسائل جديدة للتغلب عليها كاكتشاف الأدوية ووسائل المواصلات والاتصال …
- أن يتخلق بأخلاق الإسلام الحميدة.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء